النشر العلمي
ينبغي للباحث في المناهج و طرائق التدريس وفي التربية عموماً أن يعلم أن هناك أسساً و إجراءات للنشر العلمي العالمي. ونقصد بالنشر العلمي هناك نشر الأبحاث و المقالات العلمية في مجلات علمية محكمة refereed journals وليست مجرد مجلات علمية ثقافية عامة magazines. ورغم أن معظم الباحثين يتجهون للنشر العلمي العالي في مرحلة ما بعد الدكتوراه. إلا أن المجلات العلمية العالمية لا تشترط الحصول على الدكتوراه للنشر بها. وبذلك فالطريق مفتوح لباحثي الماجستير و الدكتوراه للمحاولة و التعلم من الأخطاء. خاصة و أن بعض الجامعات تشترط أن يقوم من حصل على الماجستير بنشر بحث أو أكثر قبل التقدم لمرحلة الدكتوراه. ولذلك فإن الوعي بطبيعة النشر العلمي العالمي ضرورة ملحة لجميع طلاب الدراسات العليا و الباحثين على اختلاف مراحلهم. وتتميز المجالات العلمية العالمية بأنها محكمة. بمعنى أنها لا تقبل نشر البحث أو المقالة العلمية إلا بعد أن يجيزها على الأقل اثنان من المحكمين المتخصصين في مجال عمل المتقدم بالبحث. وفي الغالب لا يقبل البحث إلا بعد عمل عدة تعديلات تتراوح ما بين الجوهرية و الشكلية حتى يعتمد البحث للنشر.
ويكون رأي المحكمين واحد من أربعة:
إما قبول البحث بدون تعديلات – و هذا نادر الحدوث. وإما قبول البحث بتعديلات شكلية ولا يعاد تقييم البحث مرة أخرى. وإما عمل تعديلات جوهرية ثم إعادة تقييم البحث ثم النشر و إما رفض البحث ابتداء.
والنشر العلمي المحكم قديم في التراث العربي الذي كان يعتمد على الإجازات في العلوم الدينية وعلى السماعات في نقل المخطوطات. أما النشر العلمي المحكم بصيغته الحديثة فقد ظهر أول مرة عام 1662 في بريطانيا بظهور العدد الأول من مجلة “تداولات فلسفية philosophical Transactions” والتي مازالت تطبع إلى يومنا هذا. بمعنى أنه قد مر على هذه المجلة ما يقارب الأربعمائة عام من الصدور المنتظم.
أما في العالم العربي فلم تعرف المجلات العلمية المحكمة إلا بعد إنشاء الجامعات في القرن العشرين. وفي شهر شعبان من سنة 1346هـ. الموافق يناير سنة 1928م. صدرت في القاهرة. عن كلية التربية بالجامعة الأمريكية. أول دورية تربوية متخصصة. بعنوان «التربية الحديثة». وقد صدر عددها الأول في نحو 80 صفحة.
وحالياً هناك عدد كبير من المجالات العلمية التربوية و لا تكاد توجد جامعة عربية بها كلية للتربية بدون مجلة علمية دورية محكمة. وتتباين المجلات من حيث الصدور. فبعض المجلات سنوية أي لها عدد واحد في السنة ومنها ما هو نصف سنوي ومنها ما هي فصلية أي لها أربعة أعداد في السنة ومنها ماهي شهرية وهذا نادر. كما أن إصدار المجلات العلمية لا يقتصر على الجامعات و الكليات فقط. بل يمتد كذلك للمراكز البحثية و الجمعيات العلمية المتخصصة.
ومن أشهر المجلات في تعليم اللغة الإنجليزية:
مجلة TESOL Quarterly التي تصدر عن رابطة معلمي اللغة الإنجليزية للناطقين بغيرها في الولايات المتحدة الأمريكية TESOL.
و تتابين المجلات من اهتماماتها:
فمعظم المجلات التربوية العربية تنشر كل ما يدخل في حديث التربية و التعليم- بل بعضها ينشر العلوم الإسلامية أو الإنسانية أو الاجتماعية على العموم وليس التربوية فقط.
أما المجلات العالمية فمنها: ما هو عام كذلك مثل Journal of Educational studies, International Journal of Educational research
ومنها ما هو متخصص في أحد أقسام التربية مثل: Journal of curriculum studies, Journal of Educational technology, Journal of Educational Psychology
ومنها ما هو متخصص في مجال دقيق داخل أقسام التربية مثل: ELT:English Language Teaching ,Journal of Science Education, Journal of Mathematics teaching and learning
ومنها ما هو متخصص في مسار واحد فقط من داخل التخصص الدقيق مثل: Reading Research Quarterly التي تعني بأبحاث القراءة فقط. Journal of teacher education التي قبل أبحاث في إعداد المعلم فقط وغيرها.
يمكن التعرف على أنواع المجلات ونطاق اهتماماتها من خلال:
- مواقع تقييم المجلات العالمية وحساب معامل تأثيرها.
علمنا في العدد السابق الفرق بين المجلة العلمية المحكمة Refereed journal والمجلة العلمية الثقافية العامة magazine و الآن نتحدث عن تقييم المجلات وسبل التعرف على تصنيفاتها وخطوات التعامل معها وصولاً لنشر البحث ببعضها.
تصنيف المجلات العلمية:
هناك عدة تصنيفات إقليمية وعالمية للمجلات العلمية على العموم وللمجلات التربوية وهي التي تخصنا. وفي كل دولة يقوم المجلس الأعلى للجامعات أو ما يقوم مقامه بتصنيف ووضع درجات تقييم للمجلات التي تصدر بهذه الدول. وتكون معايير التقييم نسبة الشيوع والأعداد المصدرة سنوياً وقدم المجلة وخبرة القائمين عليها والدرجات العلمية للمحكميين. أما في المجلات العالمية فالأمر مختلف. إذ أن هناك منظمات مستقلة قائمة على تصنيف وترتيب المجلات العالمية تستخدم في ذلك معامل التأثير Impact factor.
معامل التأثير:
هو مقياس لأهمية المجلات العلمية المحكمة ضمن مجال تخصصها البحثي. ويعكس معامل التأثير مدى إشارة الأبحاث الجديدة للأبحاث التي نشرت سابقاً في تلك المجلة والاستشهاد بها. وبهذا تكون المجلة التي تملك معامل تأثير مرتفع مجلة مهمة تتم الإشارة إلى أبحاثها و الاستشهاد بها بشكل أكبر من تلك التي تملك معامل تأثير منخفض.
وقد تم ابتكار معامل التأثير من قبل إيوجين جارفيلد مؤسس المعهد العلمي للمعلومات ISI. وتقوم بعض المؤسسات حالياً (كمؤسسة تومسون رويترز Thomson Reuters ) بحساب معاملات التأثير بشكل سنوي للمجلات العلمية المحكمة المسجلة عندها ونشرها في ما يعرف بتقارير استشهاد المجلات. والتي يتم فيها تصنيف المجلات بحسب معاملات التأثير.
معامل التأثير لمجلة ما في سنة معينة هو معدل عدد المرات التي تم الاستشهاد فيها من الأبحاث المنشورة في تلك المجلة خلال السنتين الماضيتين. فإذا كان معامل التأثير لمجلة ما هو 3 في عام 2008 مثلاً تكون الأبحاث التي نشرت في السنوات 2007 و 2006 في تلك المجلة قد تم الاستشهاد بأبحاثها بمعدل 3 استشهادات لكل بحث. ويكون معامل التأثير قد حسب بالشكل التالي:
أ= مجموع عدد الاستشهادات التي تلقتها جميع الأبحاث المنشورة في تلك المجلة خلال سنوات 2006 و 2007.
ب= عدد المواد التي يمكن الاستشهاد بها والتي نشرت في أبحاث المجلة خلال الأعوام 2006 و 2007.
معامل التأثير =أ/ب
و لا يمكن حساب معامل التأثير لمجلة ما إلا بعد مرور سنتين على تاريخ صدورها وتسجيلها في أحد الفهارس الإلكترونية Electronic indexes.
وقد تتأثر بعض المجلات بطريقة الحساب هذه عند عدم إصدارها لأي منشورات خلال سنة معينة. حيث أن طريقة الحساب مرتبطة بشكل مباشر بالفترة الزمنية التي تحسب فيها. لذا فإن تقارير استشهادات المجلات تورد أيضاً قيماً لمعامل التأثير محسوبة على فترة خمس سنوات.
وهناك مواقع علمية أخرى تحسب معامل التأثير للباحث الفرد H index من خلال حساب الاستشهادات بأبحاثه خلال فترة معينة. ومن أشهر هذه المواقع ( جوجل الباحث العلمي Google scholar ) وهي تتيح للباحث التعرف على أكثر أبحاثه انتشاراً وتأثيراً. بل إن بعض الباحثين قد بدأوا يكتبون في ذيل اسمائهم مقدار معامل التأثير الأخير الخاص بهم. مثل: Dr.John Mclowsky, Hi23
لذلك من المهم عند الشروع في نشر بحث في مجلة عالمية معرفة تأثير هذه المجلة ومجال اهتمامها. ويمكن معرفة ترتيب هذه المجلة من خلال تصفح القوائم المحدثة سنوياً التي تصدرها ISI أو من خلال البحث عن المجلة في موقع (SJR (Scientific Journal Ranking المختص بالبحث في ترتيب المجلات عالمياً وأقليمياً وتخصصياً.
بالإضافة لذلك لابد من التعرف على مجال اهتمام المجلة: فبعض المجالات لا تنشر إلا الأبحاث الأمبيريقية التي تعتمد على المنهج التجريبي. وبعضها ينشر كذلك الدراسات المسحية أو الوصيفة. وبعضها يقبل الأبحاث المكتبية النظرية التي تقدم نظريات و أفكار جديدة أو أبحاث مرجعية. وبعضها تقبل نشر مراجعات الكتب Book reviews بل إن بعضها تقبل نشر القصائد في التخصص. ولمعرفة ذلك لابد من الدخول إلى موقع المجلة و التعرف على نطاق اهتمامها Scope of interest. أو تحت Home أو about this journal.
كما ينبغي أن يعلم أن هناك دور نشر عالمية متخصصة في نشر المجلات العلمية المتخصصة. وهذه الدور لها سمعة عالمية تجعلها تتنافس على المراكز العليا في التصنيفات والترتيبات العالمية مثل: Elsevier, Oxford journals, Cambridge journals, Sage journals,Taylor and Francis, Routledge journals,Wiley ,Springer وغيرها.
وقد قامت بعض الجامعات العربية بالشراكة مع بعض هذه الدور العالمية لتحسين جودة النشر العلمي لمجلاتها (مثل مجلة جامعة طيبة للعلوم Journal of Taibah University for Sciences ومجلة جامعة الملك سعود للغات و الترجمة Journal of King saud University for Languages and translation) التي تشارك كلاهما مع دار نشر Elsevier العالمية والتي تدير كذلك موقع قاعدة بيانات Science direct.
وبعد أن عرفنا ترتيب المجلات و اهتمامات كل مجلة بحثية ودليل النشر بها. نتحدث عن الخطوات التنفيذية لتقديم البحث للنشر بالمجلات العالمية.
الخطوات التنفيذية لتقديم البحث للنشر بالمجلات العالمية:
الخطوة الأولى: هي انشاء حساب على البوابة الإلكترونية لرفع الأبحاث بالمجلة. وهنا عليك اختيار اسم المستخدم وكلمة السر و تسجيل ايميلك وبعض البيانات الأكاديمية عنك.
الخطوة الثانية: هي الدخول بصلاحية المؤلف، لأن هناك صلاحية أخرى للمحكمين، وهذه يمكن استخدامها فيما بعد عندما تتخذك إدارة المجلة من ضمن محكميها وترسل إليك أبحاثاً لتحكيمها.
الخطوة الثالثة: هي الضغط على رفع بحث جديد Submit a new article.
الخطوة الرابعة: هي كتابة العنوان، وهناك معايير خاصة بالعناوين، فبعض المجلات تشترط ألا يزيد العنوان عن 10 كلمات وبعضها يشترط ألا يزيد عن 50 حرف شاملة المسافات بين الكلمات.
الخطوة الخامسة: هي إدراج المستخلص abstract وهو كذلك له معايير، معظم المجلات تشترط ألا يزيد عن 150-250كلمة.
الخطوة السادسة: هي كتابة الكلمات المفتاحية للبحث keywords ثم يطلب منك بيانات عن طبيعية البحث: مثل عدد الكلمات وعدد الرسوم التوضيحية وعدد الأشكال وعدد الجداول والفرع العام من التخصص الذي يندرج تحته بحثك. وقد يطلب منك خطاب تعريفي للمحرر تطلب فيه مراجعة البحث لينظر في أمر نشره.
ويراعى هنا أن كل المجلات تضع حداً أعلى لعدد الكلمات يتراوح ما بين 2000 كلمة ويصل أقصى حد إلى 10000 كلمة، وتكون المجلة قد نصت على العدد المطلوب في دليل المؤلفين المذكور في صفحة التعريف بالمجلة.
وربما تطلب بعض المجلات عدد المراجع المستخدمة، والقليل من المجلات يفرض استخدام عدد معين من المراجع، فمجلة ELT مثلاً تشترط ألا يزيد عدد المراجع عن 15 مرجع، وتشترط ألا يستشهد المؤلف بنفسه بأكثر من مرجعين من ضمن الخمسة عشر.
وربما تطلب بعض المجلات إشعارات موافقة من المؤلفين الأصليين إن كنت تستخدم صوراً أو أشكال مقتبسة من مراجع أخرى إذا لا يكفي – في هذه المجلات – أن تذكر المصدر في المراجع. بل بعض المجلات قد تطلب الموافقة الخطية التي يعطيها المؤلف لنفسه إن كان يستخدم شكلاً أو مصوراً له من بحث سابق.
الخطوة السابعة هي رفع أجزاء البحث: وهي تشمل صفحة العنوان منفصلة title page وبها عنوان البحث و أسماء المؤلفين و سبل التواصل معهم، ثم متن البحث بدون عنوان وبدون أية إشارة في المتن لاسم الباحث حتى في المراجع.. ويكفي في هذه المرحلة أن يكتب في المراجع “الباحث” مكان اسم المؤلف حتى إذا تم قبول البحث يعيد كتابة اسمه الحقيقي.
ثم هناك أشياء أخرى من ملحقات البحث قد تشمل: إدراج الملاحق منفصلة وفي الغالب لن تطبع في النسخة الورقية من المجلة ويكتفى بنشرها في النسخة الإلكترونية، وكذلك قد تطلب بعض دور النشر- مثل Elsevier- وضع علامات هادية أو رؤوس أقلام لأهم ما ورد في البحث highlights ويذكر فيها أهم ما ورد في البحث في 6 نقاط لا تزيد النقطة الواحد عن 70 حرفاً شاملة المسافات، وترفق المصورات كذلك بشكل منفصل.
الخطوة الثامنة: هي رفع كل ملحقات البحث والتأكد من تكوين البحث بصيغة pdf و html و الاطلاع عليها.
ثم الخطوة الأخيرة هي المراجعة النهائية لكل الخطوات ثم الموافقة النهائية على تقديم البحث submit بمجرد الانتهاء من هذه الخطوة يرسل ايميل على بريدك يفيدك باستلام البحث وملحقاته ووضع رقم كودي له و أنه قيد المراجعة. ويمكنك الدخول من حين لآخر لموقع المجلة على البوابة البحثية الإلكترونية لمتابعة حالة البحث.
بعد فترة من حوالي 4 أسابيع إلى 16 أسبوع – يأتي الرد إما بالرفض التام مع إدراج تعليقات المحكمين التفصيلية و التي تبين سبب الرفض، وإما بالقبول التام بدون تعديلات وهذا نادر جداً. وإما القبول المشروط بعمل تعديلات وهذا هو الغالب.
عند عمل التعديلات يرفع البحث مرة أخرى على البوابة الإلكترونية، ومن ثم يدخل مرحلة جديدة للتحرير والنشر، وتتم إفادتك بالعدد الذي سينشر فيه البحث.
قبل صدور العدد بنحو شهر، ترسل لك نسخة إلكترونية من البحث للمراجعة الأخيرة لإجراء أية تعديلات طفيفة لا تتجاوز تعديل الهجاء أو بيانات الباحث، ثم يعتمد للبحث رقم تعريفي DOl: Digital object ldentifier وهو رقم مهم جداً لأنه الذي يستخدم في توثيق البحث على نظام APA لجميع الأبحاث المنشورة بعد 2005 وتكفي كتابته في لسان التبويب address bar في الإنترنيت للوصول المباشر للبحث.
يمكن الآن للباحثين الاطلاع على بحثك وقراءته والاستشهاد به قبل ظهور النسخة المطبوعة من المجلة. و عندما يحين وقت صدور العدد يرسل لك نسخة واحدة من العدد ودخول لامحدود unlimited acess لكل أبحاث العدد على الإنترنت.